يصعب تحديد ما تحقق خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن هذا الأسبوع، بحسب تحليل دانيال شابيرو الذي نشره موقع أتلانتيك كآونسل تاريخ؛ حيث قال إنه فيما يخص إيران، يبدو التنسيق بين إسرائيل والولايات المتحدة مستقرًا. يتفق نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أن طهران يجب أن تتخلى عن اليورانيوم المخصّب، وتتوقف عن أي نشاط تخصيب جديد، وتسمح بعودة المفتشين الدوليين التابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل كامل وآمن. واشنطن تستعد لتفعيل العقوبات المعروفة بـ"سناب باك" هذا الخريف إذا لم تلتزم إيران، مع التلويح بإمكانية شن ضربات جديدة في حال أعادت إيران إطلاق برنامجها النووي.
لكن احتمالية قبول طهران بهذه الشروط تبقى ضعيفة. إيران لا ترغب في الظهور بمظهر الطرف المستسلم بعد الضربات الإسرائيلية والأمريكية التي استمرت 12 يومًا في يونيو، وقد تسعى للاحتفاظ بخيار استئناف برنامجها النووي لاحقًا. ولذلك، إذا أرادت إدارة ترامب تحقيق هذا الاتفاق، فعليها تكثيف الضغط على طهران خلال الشهور المقبلة.
أما الأكثر غموضًا، فهو مدى التقدم الذي تحقق بشأن وقف إطلاق النار في غزة وإعادة الرهائن. السيناريو المتفائل يفترض أن ترامب أوضح لنتنياهو خلال اجتماعهما المغلق في البيت الأبيض أنه يرغب في إنهاء الحرب خلال 60 يومًا، ويُصر على إعادة الرهائن، سواء الأحياء أو أولئك الذين يُعتقد أنهم قضوا في الأسر. رغم غياب تأكيدات رسمية حول هذا الموقف، تشير تقارير متعددة إلى أن واشنطن طلبت من الوسيط القطري إيصال رسالة إلى حماس مفادها أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار يجب أن يفتح فورًا باب المفاوضات نحو تسوية دائمة، حتى بعد انتهاء مدة الستين يومًا، ويُحتمل أن يرأس هذه المحادثات المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف.
رغم ذلك، لا يُتوقع أن يُلزم ترامب الجانب الإسرائيلي بجعل هذه الرؤية جزءًا صريحًا من نص الاتفاق، تفاديًا لإحراج نتنياهو أمام شركائه المتطرفين في الائتلاف الحكومي. لكن هذا الموقف يظل هو الموقف الأمريكي المعلن.
في الوقت نفسه، وخلال أيام نتنياهو الأربع في واشنطن، صدرت إشارات متضاربة. نتنياهو جدّد تعهده بمواصلة الحرب حتى تدمير حماس كليًا، ورفض انسحاب جيشه من ممر موراغ بين خانيونس ورفح، رغم أن هذا الوجود العسكري يتجاوز ما نصّ عليه وقف إطلاق النار في الفترة من يناير إلى مارس. وتبادل الطرفان خرائط جديدة لتقليص الفجوات، لكن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اقترح حشد نحو 600 ألف فلسطيني داخل "مدينة إنسانية" قرب الحدود المصرية، وهي خطة لم تبدأ المؤسسة العسكرية بعد بوضع تفاصيلها الميدانية.
في أقصى اليمين من حكومة نتنياهو، يرى وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أن تجميع الفلسطينيين في تلك المنطقة يجب أن يُمهد لرحيلهم خارج غزة، مدعيًا أن الرحيل سيكون "طوعيًا"، رغم أن طبيعة الإكراه المحتملة تُعرّف هذه العملية قانونيًا كجريمة تطهير عرقي.
إذا تمسّكت إسرائيل بهذه الطروحات خلال المفاوضات، فلن يُكتب للهدنة النجاح، لا سيما إذا استخدمت الحكومة هذه التصريحات بشكل علني، رغم التراجع عنها لاحقًا خلال المحادثات المغلقة في الدوحة. مجرد طرح هذه الشروط قد ينسف فرص التوصل إلى اتفاق، ويبقي الرهائن في الأنفاق.
في موازاة هذه المفاوضات، يسعى ترامب لتكريس المكاسب العسكرية التي تحققت ضد حماس وحزب الله وإيران، إضافة إلى انهيار نظام بشار الأسد في سوريا. الإدارة الأمريكية تُخطط لعقد اتفاقيات عدم اعتداء بين إسرائيل ولبنان، وكذلك بين إسرائيل وسوريا، بينما يواصل مبعوث ترامب إلى سوريا، توم باراك، التنقل بين الأطراف لتحقيق ذلك.
يسعى ترامب كذلك لإعادة السعودية إلى طاولة التطبيع مع إسرائيل، وقد ناقش ذلك مع ولي العهد محمد بن سلمان خلال زيارته إلى المملكة في مايو الماضي. يطمح الرئيس الأمريكي إلى توسيع دائرة السلام بين حلفاء واشنطن في المنطقة، وأن تُسهم هذه الدول العربية في إخراج قادة حماس المتبقين في غزة إلى المنافي.
لكن صبر ترامب قد ينفد. حاول نتنياهو التأكيد بعد لقائهما على "التنسيق الكامل" بين الطرفين، واعتبر ما يُنشر خلاف ذلك مجرد "هراء"، لكن استمرار الحرب في غزة قد يُبدد الآمال الأمريكية في أي اختراقات إقليمية حقيقية.
الدول العربية ستنتظر على الأرجح مرور الستين يومًا من الهدنة، إن وُقّعت، لتتأكد من جدّية إسرائيل. لن تُقدِم هذه الحكومات على تقديم مكاسب سياسية لنتنياهو، بينما تتناقل الشاشات العربية مشاهد قتل الفلسطينيين خلال محاولتهم الوصول إلى مراكز توزيع المساعدات، أو بينما يصرّح وزراء إسرائيليون بنيّتهم تهجير سكان غزة.
تكررت تأكيدات الدبلوماسيين العرب لإدارة ترامب، كما فعلوا مع إدارة بايدن سابقًا، أنهم لن يشاركوا في خطة إعادة إعمار غزة دون وجود قيادة فلسطينية بديلة تقبل السلام مع إسرائيل، ترتبط بسلطة فلسطينية مُعاد هيكلتها، وتلتزم بخطوات ملموسة نحو دولة فلسطينية مستقبلية.
رغم عادة ترامب في توجيه انتقادات علنية لأي قائد يُخيّب توقعاته، لم يُصدر أي تصريح بعد اجتماعه الثاني مع نتنياهو، ما يُشير إلى مرحلة من الترقب. وربما يُمارَس الضغط الحقيقي لاحقًا، في اللحظة التي يشعر فيها ترامب بأن فرصه الإقليمية تُهدد، وأن نفوذه على نتنياهو يجب أن يُستغل علنًا وليس فقط خلف الأبواب المغلقة.
https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/netanyahus-trip-to-washington-ends-with-conflicting-signals/